تحيّاتي من الحَجْر في فلوريدا،
اليوم، يوم الأحد، أبلغونا بتأجيل الإطلاق ليوم إضافي. موعد الإطلاق الجديد - 8 نيسان. ندرك كلّ التعقيد الكامن في تنسيق النشاط المكثّف في عمليّات الإطلاق، بالإضافة إلى عمليّات الهبوط من الفضاء، ونتفهّم التأجيل. بالنسبة لنا، كسبنا يومًا إضافيًا لمراجعة وتجهيز خطّة العمل ويومًا إضافيًا للتدريب ويومًا إضافيًا للاستعداد لحالات الطوارئ التي قد نواجهها ، بحيث نشعر عند قدوم ساعة الصفر بأنّنا "في البيت". بالمجمل نحن جاهزون، ونشعر على ما يرام وحتى لدينا بعض الوقت للعب.
مبدئيًا، متوقَّع من كلّ واحد منّا أن يكون مستقلًا وقادرًا على تشغيل جميع الأدوات الموجودة في محطّة الفضاء بنفسه. التجارب التي تحتاج إلى مساعدة وتعاون بين روّاد الفضاء المختلفين، أصبحت جاهزة ومنسّقة. نحاول قدر المستطاع عدم ترك أيّ شيء للصدفة. خطّة العمل مفصّلة لدرجة أنّها توضّح ماذا سنفعل كلّ ربع ساعة وحتى كلّ بضع دقائق أيضًا. نسّقنا كلّ ما يجب فيما بيننا، وجدول الإكسل الذي أعددناه يشمل كلّ التفاصيل ويتلاءَم مع خطّة العمل لكلّ من يتواجدون في المحطّة.
نحافظ على الحَجْر بحرص شديد. يتوجّب على الزوّار الخضوع لفحوصات أقنعة دقيقة وإجراء فحص كورونا، ويجلسون في الخارج على بُعد 3 أمتار على الأقلّ. جدولنا الزمني هنا في الحَجْر يتلاءَم مع جدولنا الذي سنتّبعه في المحطّة. قبل بضعة أيّام، غيّرنا ساعات النوم لنلائمها مع UTC - توقيت لندن[1]، والذي سنعمل بموجبه في المحطّة. أيّ أنّه علينا الاستيقاظ الساعة 4-3 فجرًا (بتوقيت فلوريدا). نتدرّب ونعتاد.
اللهفة والإثارة في مركز "ركيع" في مكاتب تشيك بوينت في تل أبيب، تغمرني هنا أيضًا. أرى الصور، أشاهد الفيديوهات، وأتحدّث مع طاقم "ركيع" خلال التحضيرات واستضافة المئات يوميًا. مركز الزوّار هو منطقة مميّزة وخاصّة، صُمِّمت بروح مهمّة "ركيع" ومعدّة لإتاحة المهمّة المعقّدة جدًا للجمهور الواسع. كلّ زاوية من الزوايا الخمس في المركز، يعرض جانبًا مختلفًا من المهمّة، بدءًا من زاوية محطّة الفضاء الدوليّة، مرورًا بزاوية مهمّة "ركيع"، زاوية التجارب العلميّة، زاوية الحياة على محطّة الفضاء الدوليّة ومركز الإلهام، والذي يهدف بنظري إلى إيصال الرسالة التي أحلم وأرجو ترسيخها، بالأخصّ لدى أبناء وبنات الجيل الشاب: "ليس هناك حلم صعب المنال".
قبل بضعة أيّام، عاد إلى الكرة الأرضيّة رائدا الفضاء الروسيّان اللذان أنهيا مهمّتهما في المحطّة، ومعهما، في المركبة الفضائيّة سويوز الروسيّة، هبط في كازخستان رائد الفضاء الأمريكي مارك فاندي هاي، الذي مكث في محطّة الفضاء لمدّة 355 يومًا! قبل ذلك ببضعة أيًام، هبط على المحطّة بسلام طاقم مكوّن من ثلاثة روّاد فضاء. وكما تلاحظون - في الفضاء يوجد تعاون متماسك بين الطواقم المختلفة، ويتقاسمون نفس الموارد المحدودة. التعاون رائع وأنا انتظر فتح النافذة والاستقبال مع الجميع، وطبعًا وجبة العشاء المشتركة الأولى مع روّاد الفضاء المتواجدين في محطّة الفضاء الدوليّة في تلك اللحظة. سنكون 11 فردًا.
هذا كلّ ما في الأمر. يوم الجمعة، على أمل ألّا يطرأ تغير آخر، سنصل إلى ميناء الإطلاق للفضاء في كايب كانافيرال[2]، ونجن نرتدي بدلات الفضاء، سنصعد بالمصعد والأدراج، سندخل إلى مركبتنا الفضائيّة دراغون، نتمركز وننتظر العدّ التنازلي.
ادعوا لي بالنجاح والتوفيق
[1] UTC: Coordinated Universal Time (UTC) استبدل المصطلح GMT وهو التوقيت بحسب ساعة غرينيتش الواقعة على خطّ العرض 0.
[2] الميناء الفضائي كايب كانافيرال (CCAFS - Cape Canaveral Air Force Station)، هو قاعدة الإطلاق الأساسيّة في الولايات المتّحدة، وهو تابع لقيادة الفضاء الخاصّة بالقوّات الجويّة الأمريكيّة. الميناء الفضائي يقع على الساحل الشرقي للولايات المتّحدة، في كايب كانافيرال في ولاية فلوريدا، جنوب شرق مركز الفضاء الكندي التابع لوكالة ناسا، المتواجد في الجزيرة المجاورة ميريت آيلاند. القاعدتان موصولتان بجسور فيما بينهما. توجد في الميناء أربع منصّات إطلاق نشطة، ومسار هبوط يبلغ طوله 3 كم، والذي يُستخدَم لطائرات النقل التي تحمل عادةً أجزاء الأقمار الاصطناعيّة والصواريخ.
مع فائق تقديري، إيتان
Comments